كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



520- الحَدِيث الثاني:
عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه كتب إِلَى أهل الْحَرْب «بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم» وَكتب أَيْضا «سَلام عَلَى من اتبع الْهدى».
قلت هما فِي كتاب النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرقل رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الْإِيمَان وَمُسلم فِي الْجِهَاد من حَدِيث عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود عَن ابْن عَبَّاس أَن أَبَا سُفْيَان أخبرهُ من فِيهِ إِلَى فِيهِ قَالَ انْطَلَقت فِي الْمدَّة الَّتِي كَانَت بيني وَبَين رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَبينا أَنا بِالشَّام إِذْ جِيءَ بِكِتَاب من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرقل فَذكره بِطُولِهِ... إِلَى أَن قَالَ ثمَّ دَعَا بِكِتَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقرأه فَإِذا فِيهِ «بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى هِرقل عَظِيم الرّوم سَلام عَلَى من اتبع الْهدى أما بعد فَإِنِّي أَدْعُوك بِدِعَايَةِ الْإِسْلَام أسلم تسلم» إِلَى آخِره.
521- الحَدِيث الثالث:
رُوِيَ أَن الْمُسلمين عَاهَدُوا الْمُشْركين من أهل مَكَّة وَغَيرهم من الْعَرَب فَنَكَثُوا إِلَّا أُنَاسًا مِنْهُم وهم بَنو ضَمرَة وَبَنُو كنَانَة فنبذا الْعَهْد إِلَى النَّاكِثِينَ وَأمرُوا أَن يَسِيحُوا فِي الأَرْض أَرْبَعَة أشهر آمِنين وهم الْأَشْهر الْحرم صِيَانة عَن الْقِتَال فِيهَا وَكَانَ نُزُولهَا سنة سبع من الْهِجْرَة وَفتح مَكَّة بِسنة ثَمَان وَكَانَ الْأَمِير فِيهَا عتاب بن أسيد فَأمر رَسُول الله أَبَا بكر عَلَى موسم سنة تسع وَأتبعهُ عليا رَضِيَ اللَّهُ عَنْه رَاكِبًا العضباء لِيقرأ هَا عَلَى أهل الْمَوْسِم فَقيل لَهُ لَو بعثت بهَا إِلَى أبي بكر فَقَالَ «لَا يُؤَدِّي عني إِلَّا رجل مني» فَلَمَّا دنا عَلّي سمع أَبَا بكر الرُّغَاء فَوقف وَقَالَ هَذِه رُغَاء نَاقَة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فألحقه قَالَ أَمِير أَو مَأْمُور قَالَ بل مَأْمُور.
وَرُوِيَ أَن أَبَا بكر لما كَانَ بِبَعْض الطَّرِيق هَبَط جِبْرِيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد لَا يبلغن رِسَالَتك إِلَّا رجل مِنْك فَأرْسل عليا فَرجع أَبُو بكر إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُول الله أَشَيْء نزل من السَّمَاء قَالَ «نعم فسر وَأَنت عَلَى الْمَوْسِم وَعلي يُنَادي بِالْآيِ» فَلَمَّا كَانَ قبل يَوْم التَّرويَة بِيَوْم خطب أَبُو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه وَحَدَّثَهُمْ عَن مناسكهم وَقَامَ عَلّي يَوْم النَّحْر عِنْد جَمْرَة الْعقبَة فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْكُم فَقَالُوا بِمَاذَا فَقَرَأَ عَلَيْهِم ثَلَاثِينَ أَو أَرْبَعِينَ آيَة.
وَعَن مُجَاهِد ثَلَاث عشرَة آيَة ثمَّ قَالَ أمرت بِأَرْبَع أَن لَا يقرب الْبَيْت بعد هَذَا الْعَام مُشْرك وَلَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان وَلَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا كل نَفْس مُؤمنَة وَأَن يتم إِلَى كل ذِي عهد عَهده فَقَالَ عِنْد ذَلِك يَا عَلّي أبلغ عَنَّا ابْن عمك أَنا قد نَبَذْنَا الْعَهْد وَرَاء ظُهُورنَا وَلَيْسَ بَيْننَا وَبَينه عهد إِلَّا طعن بِالرِّمَاحِ وَضرب بِالسُّيُوفِ.
قلت غَرِيب وَفِي سيرة ابْن هِشَام بعضه فِي بَاب غَزْوَة تَبُوك وَكَذَا فِي دَلَائِل النُّبُوَّة للبيهقي وَكَذَا فِي تَفْسِير الطَّبَرِيّ.
وَرَوَى الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي الْمَغَازِي من حَدِيث إِسْحَاق بن بشر الْكَاهِلِي حَدثنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل عَن سَالم بن أبي حَفْصَة عَن جَمِيع بن عمر اللَّيْثِيّ قَالَ أتيت عبد الله بن عمر فَسَأَلته عَن عَلّي فَانْتَهرنِي ثمَّ قَالَ أَلا أحَدثك عَن عَلّي أَن رَسُول الله بعث أَبَا بكر وَعمر بِبَرَاءَة إِلَى أهل مَكَّة فَانْطَلقَا فَإِذا هما بِرَاكِب فَقَالَا من هَذَا فَقَالَ أَنا عَلّي بن أبي طَالب فَقَالَ يَا أَبَا بكر هَات الْكتاب الَّذِي مَعَك قَالَ مَا لي يَا عَلّي قَالَ مَا علمت إِلَّا خيرا فَأخذ عَلّي الْكتاب ثمَّ ذهب بِهِ وَرجع أَبُو بكر وَعمر فَقَالَا مَا لنا يَا رَسُول الله فَقَالَ «مَا لَكمَا إِلَّا خير وَلَكِن قيل لي لَا يبلغ عَنْك إِلَّا أَنْت أَو رجل مِنْك» انْتَهَى وَقَالَ حَدِيث شَاذ وَالْحمل فِيهِ عَلَى جَمِيع بن عمر ثمَّ بعده عَلَى إِسْحَاق بن بشر قَالَ الذَّهَبِيّ فِي مُخْتَصره هُوَ حَدِيث مَوْضُوع.
وَرَوَى أَبُو يعلي الْموصِلِي فِي مُسْنده ثَنَا إِسْحَاق بن إِسْمَاعِيل حَدثنَا وَكِيع ابْن الْجراح حَدثنَا إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق عَن زيد بن يثيع عَن أبي بكر الصّديق أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعثه بِبَرَاءَة إِلَى أهل مَكَّة «لَا يحجّ بعد الْعَام مُشْرك وَلَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان وَلَا تدخل الْجنَّة إِلَّا نَفْس مسلمة وَمن كَانَ بَينه وَبَين رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدَّة فَأَجله إِلَى مدَّته وَالله تَعَالَى بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله» قَالَ فَسَار بهم ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ لعَلي الْحَقْهُ ورد عَلّي أَبَا بكر وَبَلغهَا قَالَ فَفعل فَلَمَّا قدم أَبُو بكر عَلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ يَا رَسُول الله أحدث فِي شَيْء قَالَ: «مَا حدث فِيك إِلَّا خير لكني أمرت أَلا يبلغ إِلَّا أَنا أَو رجل مني». انتهى.
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده ثَنَا وَكِيع بِهِ.
522- قوله:
عَن عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن رجلا أَخذ بلجام دَابَّته فَقَالَ مَا الْحَج الْأَكْبَر قَالَ يَوْمك هَذَا خل عَن دَابَّتي يَعْنِي يَوْم النَّحْر.
قلت رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي الْحَج حَدثنَا وَكِيع عَن شُعْبَة عَن الحكم عَن يَحْيَى بن الجزار عَن عَلّي أَنه خرج يَوْم النَّحْر عَلَى بغلة بَيْضَاء يُرِيد الْجَبانَة فجَاء رجل فَأخذ بلجام دَابَّته وَسَأَلَهُ عَن الْحَج الْأَكْبَر فَقَالَ هُوَ يَوْمك هَذَا خل سَبِيلهَا. انتهى.
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا أَبُو الْمثنى حَدثنَا أَبُو دَاوُد حَدثنَا شُعْبَة بِهِ.
523- الحَدِيث الرَّابِع:
عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقف يَوْم النَّحْر عِنْد الجمرات فِي حجَّة الْوَدَاع فَقَالَ «هَذَا يَوْم الْحَج الْأَكْبَر».
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي الْحَج ثَنَا مُؤَمل بن الْفضل حَدثنَا الْوَلِيد ثَنَا هِشَام يَعْنِي ابْن الْغَاز حَدثنَا نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقف يَوْم النَّحْر بَين الجمرات الَّتِي حج فِيهَا فَقَالَ «أَي يَوْم هَذَا» قَالُوا يَوْم النَّحْر فَقَالَ «هَذَا يَوْم الْحَج الْأَكْبَر». انتهى.
وعلقه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فَقَالَ فِي بَاب الْخطْبَة أَيَّام منى وَقَالَ هِشَام:
ابْن الْغَاز ثَنَا نَافِع ** فَذكره سندا ومتنا

وَرَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات بِلَفْظ الْحَاكِم سَوَاء قَالَ وَكَانَ ابْن عَبَّاس يكره أَن يَقُول حجَّة الْوَدَاع وَيَقُول حجَّة الْإِسْلَام ثمَّ أخرج عَن طَاوس نَحْو ابْن عَبَّاس ثمَّ أخرج عَن مُجَاهِد قَالَ حج النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجَّتَيْنِ قبل أَن هَاجر وَحجَّة بعد مَا هَاجر. انتهى.
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من حَدِيث نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقف يَوْم النَّحْر بَين الجمرات فِي الْحجَّة الَّتِي حج فَقَالَ للنَّاس «أَي يَوْم هَذَا» قَالُوا هَذَا يَوْم النَّحْر قَالَ «فَأَي بلد هَذَا» قَالُوا الْبَلَد الْحَرَام قَالَ «فَأَي شهر هَذَا» قَالُوا الشَّهْر الْحَرَام قَالَ «هَذَا يَوْم الْحَج الْأَكْبَر فَدِمَاؤُكُمْ وَأَمْوَالكُمْ وَأَعْرَاضكُمْ عَلَيْكُم حرَام كَحُرْمَةِ هَذَا الْبَلَد فِي هَذَا الْيَوْم» ثمَّ قَالَ «هَل بلغت» قَالُوا نعم فَطَفِقَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول «اللَّهُمَّ اشْهَدْ» ثمَّ ودع النَّاس فَقَالُوا هَذِه حجَّة الْوَدَاع. انتهى.
ثمَّ قَالَ هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ بِهَذِهِ السِّيَاقَة لم يذكرُوا فِيهِ أَن يَوْم الْحَج الْأَكْبَر يَوْم النَّحْر فَإِن الْأَقَاوِيل فِيهِ عَن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ مُخْتَلفَة مِنْهُم من قَالَ يَوْم النَّحْر وَمِنْهُم من قَالَ يَوْم عَرَفَة. انتهى.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث سعيد بن عبد الْعَزِيز عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَى الْجَمْرَة يَوْم النَّحْر وَقَالَ «هَذَا يَوْم الْحَج الْأَكْبَر» فَقَالَ يَوْم النَّحْر. انتهى.
وَعَن الطَّبَرَانِيّ رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية فِي تَرْجَمَة سعيد بن عبد الْعَزِيز.
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن أبي حَاتِم فِي تفاسيرهم.
وَفِي الْبَاب أَحَادِيث فَمِنْهَا عِنْد التِّرْمِذِيّ من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن أبي إِسْحَاق عَن الْحَارِث عَن عَلّي قَالَ سَأَلت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن يَوْم الْحَج الْأَكْبَر فَقَالَ «يَوْم النَّحْر». انتهى.
ثمَّ أخرجه عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي إِسْحَاق عَن الْحَارِث عَن عَلّي مَوْقُوفا قَالَ وَهُوَ أصح لِأَنَّهُ رُوِيَ من غير وَجه مَوْقُوفا وَلَا نعلم أحدا رَفعه إِلَّا مَا رُوِيَ عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق. انتهى.
وَعند الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن أبي أَوْفَى قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَوْم النَّحْر يَوْم الْحَج الْأَكْبَر». انتهى.
وَعند أبي نعيم فِي تَارِيخ أَصْبَهَان فِي بَاب الْعين الْمُهْملَة عَن عمر بن هَارُون الْبَلْخِي عَن شُعْبَة بن عَمْرو بن مرّة عَن مرّة بن شرَاحِيل قَالَ حَدثنَا صَاحب هَذَا الْقصر يَعْنِي عبد الله بن مَسْعُود قَالَ خَطَبنَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَاقَة حَمْرَاء بِالْمُزْدَلِفَةِ فَقَالَ «أَي بلد هَذَا» قُلْنَا الْمشعر الْحَرَام قَالَ «فَأَي شهر هَذَا» قُلْنَا شهر الله الْأَصَم قَالَ «فَأَي يَوْم هَذَا» قُلْنَا يَوْم النَّحْر قَالَ «صَدقْتُمْ هَذَا يَوْم الْحَج الْأَكْبَر» الحَدِيث.
524- قوله:
رُوِيَ أَن أَعْرَابِيًا سمع رجلا يقرأ إِن الله بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله فَقَالَ الْأَعرَابِي إِن كَانَ الله بَرِيئًا من رَسُوله فَأَنا مِنْهُ بَرِيء فَكَتبهُ الرجل إِلَى عمر فَحَكَى الْأَعرَابِي قِرَاءَته فَعندهَا أَمر عمر بتَعَلُّم الْعَرَبيَّة.
قلت حَكَى الْقُرْطُبِيّ فِي كِتَابه التذْكَار عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ قدم أَعْرَابِي فِي زمن عمر بن الْخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فَقَالَ من يُقْرِئُنِي الْقُرْآن قَالَ فَأَقْرَأهُ رجل فَلَمَّا كَانَ فِي سُورَة بَرَاءَة قَرَأَ إِن الله بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله بِالْجَرِّ فَقَالَ الْأَعرَابِي أَو قد برِئ الله من رَسُوله فَإِن يكن الله بَرِيئًا من رَسُوله فَأَنا أَبْرَأ مِنْهُ فَبلغ عمر مقَالَة الْأَعرَابِي فَدَعَاهُ فَقَالَ لَهُ يَا أَعْرَابِي أَتَبرأ من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنِّي قدمت الْمَدِينَة وَلَا علم لي بِالْقُرْآنِ فَسَأَلت من يُقْرِئُنِي فأقرأني هَذَا سُورَة بَرَاءَة فَقَالَ إِن الله بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله فَقلت أَو قد برِئ الله من رَسُوله إِن يكن الله بَرِيئًا من رَسُوله فَأَنا أَبْرَأ مِنْهُ فَقَالَ عمر لَيْسَ هَكَذَا يَا أَعْرَابِي قَالَ فَكيف هِيَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ إِن الله بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله فَقَالَ الْأَعرَابِي وَأَنا وَالله أَبْرَأ مِمَّا برِئ مِنْهُ الله وَرَسُوله فَأمر عمر أَلا يقرئ النَّاس إِلَّا عَالم بِالْعَرَبِيَّةِ وَأمر أَبَا الْأسود فَوضع النَّحْو. انتهى. وَلم يعزه.
525- الحَدِيث الْخَامِس:
رُوِيَ أَن بني بكر غَدَتْ عَلَى خُزَاعَة فِي غيبَة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وظاهرتهم قُرَيْش بِالسِّلَاحِ حَتَّى وَفد عَمْرو بن سَالم الْخُزَاعِيّ عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنشده:
اللَّهُمَّ إِنِّي نَاشد مُحَمَّدًا ** حلف أَبينَا وَأَبِيك الْأَتْلَدَا

إِن قُريْشًا أَخْلَفُوك الْمَوْعِدَا ** وَنَقَضُوا ذِمَامك الْمُؤَكَّدَا

هم بَيَّتُونَا بِالْحَطِيمِ هُجَّدا ** وَقَتَلُونَا ركعا وَسجدا

فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا نصرت إِن لم أَنْصُركُمْ».
قلت رَوَاهُ ابْن هِشَام فِي سيرته فِي غَزْوَة مُؤْتَة من طَرِيق ابْن إِسْحَاق وَالْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي بَاب فتح مَكَّة عَن الْحَاكِم بِسَنَدِهِ إِلَى ابْن إِسْحَاق حَدثنِي الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر عَن مَرْوَان بن الحكم والمسور بن مخرمَة قَالَا كَانَ فِي صلح رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الْحُدَيْبِيَة بَينه وَبَين قُرَيْش أَنه من شَاءَ أُعِيد فِي عقد مُحَمَّد وَعَهده دخل وَمن شَاءَ أَن يدْخل فِي عقد قُرَيْش وَعَهْدهمْ دخل فَدخلت خُزَاعَة فِي عقد مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدخلت بَنو بكر فِي عقد قُرَيْش فَمَكَثُوا فِي الْهُدْنَة نَحْو السَّبْعَة أَو الثَّمَانِية عشر شهرا ثمَّ إِن بني بكر الَّذين دخلُوا فِي عقد قُرَيْش وَثبُوا عَلَى خُزَاعَة الَّذين دخلُوا فِي عقد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلًا بِمَاء يُقَال لَهُ الْوَتِير قريب من مَكَّة وَقَالَت قُرَيْش هَذَا ليل وَمَا يعلم بِنَا مُحَمَّد وَلَا يَرَانَا أحد فَأَعَانُوا بني بكر بِالْكُرَاعِ وَالسِّلَاح وَقَابَلُوا خُزَاعَة مَعَهم لِلضِّغْنِ عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَركب عمر بن سَالم الْخُزَاعِيّ إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد ذَلِك يُخبرهُ الْخَبَر فَلَمَّا قدم عَلَيْهِ أنْشدهُ:
اللَّهُمَّ إِنِّي نَاشِدًا مُحَمَّدًا ** حلف أَبينَا وَأَبِيهِ الْأَتْلَدَا

أَن قُريْشًا أَخْلَفُوك الْمَوْعِدَا ** وَنَقَضُوا مِيثَاقك الْمُؤَكَّدَا

فهم أذلّ وَأَقل عددا ** قد جعلُوا لي بِكدَاء مرْصدًا

هم بَيَّتُونَا بالْوَتِير هُجَّدا ** فَقَتَلُونَا ركعا وَسجدا

فَانْصُرْنَا رَسُول الله نصرا عتدَا ** وَادعوا عباد الله يَأْتُوا مدَدا

فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نصرت يَا عَمْرو بن سَالم» مُخْتَصر.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْكَبِير وَالصَّغِير ثَنَا سعيد بن عبد الرَّحْمَن التسترِي حَدثنَا يَحْيَى بن سُلَيْمَان بن نَضْلَة الْمَدِينِيّ ثَنَا عمي مُحَمَّد بن نَضْلَة عَن جَعْفَر ابْن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جدة عَلّي بن الْحُسَيْن حَدَّثتنِي مَيْمُونَة بنت الْحَارِث قَالَت كَانَ بَين رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَين قُرَيْش... فَذكر الْقِصَّة وَالشعر بِزِيَادَة وَنقص.
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي الْمَغَازِي فِي بَاب فتح مَكَّة عَن عُرْوَة مُرْسلا فَذكر الْقِصَّة وَالشعر.
وَرَوَاهُ ابْن زَنْجوَيْه فِي كتاب الْأَمْوَال عَن عِكْرِمَة مُرْسلا فَذكر الْقِصَّة وَالشعر.
وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي مطولا فَذكر الْقِصَّة وَالشعر مُرْسلا عَن جمَاعَة كَثِيرَة ثمَّ قَالَ وحَدثني عبد الحميد بن جَعْفَر عَن عمرَان بن أبي أنس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَامَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يجر طرف رِدَائه وَيَقُول: «يَا عَمْرو لَا نصرت إِن لم أنْصر بني كَعْب مِمَّا أنْصر مِنْهُ نَفسِي».